BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

السبت، سبتمبر 19، 2009

الشرطة في سكة الشعب


الشرطة فى سكة الشعب

عمر طاهر فى الدستور

من أهم اللافتات التي وجدتها في وجهي فور خروجي من رحم السيدة والدتي (الشرطة في خدمة الشعب) و(مصر أولا).

في بداية حياتي عندما كان الشعار الشرطة في خدمة الشعب، كنت أعتقد أن المقصود بخدمة الشعب وقتها «ترييح» الشعب من مشاوير الذهاب لصناديق الانتخابات، لم أعرف معني آخر للكلمة خصوصا أنه عندما تمت سرقة سيارة ابن عمي لم تعدها الشرطة ولكن أعادها لنا شيخ بركة دلنا علي مكانها قبل أن ينهي كوب الشاي، وبعد فترة أصبح الشعار (الشعب والشرطة في خدمة القانون) استكثرت الشرطة علي نفسها أن تكون في خدمة الشعب خوفا من القاعدة التي تقول إن آخرة خدمة الغز علقة، ومع احترامي للشرطة وللشعارات أري أن الشعار غير المعلن هو (الشرطة في سكة الشعب) لا في خدمته ولا في خدمة القانون، الشرطة في سكة الشعب.. هكذا ومنذ طفولتي، كانت إدارة المدرسة تختار أطفالا بعينهم لتعينهم «شرطة مدرسية» لمنع الطلاب من الاقتراب من غرف الناظر والمدرسين في الفسحة، انتهت الفسحة وانتهت الطفولة وأصبح النظار وزراء ورؤساء حكومة وبقيت الشرطة في سكة الشعب، وقفت الشرطة في سكة الشعب عندما قررت فئة مندسة من الشعب أن تسلك مسلكا إيجابيا وتشارك في الانتخابات فوقفت الشرطة في طريقها إلي اللجان وغلقت الأبواب دون الصناديق والحبر الفوسفوري، وقفت الشرطة في سكة الشعب عندما قرر أن يملأ بعض المواطنين الشاحنات بالغذاء والأدوية ليتجهوا بها إلي غزة.

تقف الشرطة في سكة الشعب علي المحور وعلي الطريق الدائري وفي مدخل المعادي وفي صلاح سالم وفي الأوتوستراد وعلي كوبري الجامعة في أكمنة منصوبة ليلا ونهارا للتفتيش علي حزام الأمان والمثلث وطفاية الحريق، تسألك عن تحقيق الشخصية وعلاقتك بالسيدة التي تجلس إلي جوارك وتسألك بلا مبرر (جاي من فين ورايح فين الساعة دي).. (فيه واحد صاحبي اتاخد علي القسم لأنه قال للضابط أنا جاي من عند ماما.. كان صديقي جادا في إجابته وصادقا لكن الضابط اعتقد أن أمه شخصيا هي المقصودة بالإجابة!)، تقف الشرطة في سكة الشعب لتعطيل سيره حتي تمر مواكب الوزراء، تقف الشرطة في سكة الشعب حتي عندما يفكر شبابه اليائس في الهروب من هذا البلد بأي طريقة ليبدأ حياته في مكان آخر، تقف الشرطة في سكة الشعب عندما يقرر أن يتظاهر أو يُضرب أو يعتصم بحثا عن حقوقه، تقف الشرطة في سكة الشعب عندما يقرر أن يحتفل مع محمد منير برأس السنة في مسرح الأوبرا خوفا من أن تنقلب الحفلة إلي مظاهرة تدعم الغزاوية، تقف الشرطة في سكة الشعب إلي الاستاد والجامعة ودور العبادة، بل إن الشرطة في سكة الشعب إلي مناطق بأكملها مثل جاردن سيتي، تقف الشرطة في سكة الشعب في كل مكان بشاحنات الأمن المركزي الضخمة والمدرعات والجنود المدججين بالهراوات والعصي الكهربائية في حالة تحفز لا أعرف سببها، أشك كثيرا في أن الشرطة في سكة الشعب بحثا عن الأمن طوال الوقت، الموضوع به أشياء أخري بخلاف الأمن والدليل أن الشرطة كثيرا ما تقف في «أماكن غلط»، فهي لا تقف في سكة الشعب عندما يقرر بعض أفراده أن يتحرشوا جماعيا، ولا تقف في سكة الشعب عندما يفر بعض أبنائه إلي الخارج بقروض أو هربا من أحكام قضائية، ولا تقف في سكة الشعب عندما يتورط بعض أبنائه في خناقة علي رغيف العيش أو أنبوبة البوتاجاز، ولا تقف في سكة الشعب لتحول بينه وبين حريق ضخم، ولا تقف في سكة الشعب عندما يقرر بعضهم أن يحرق مقر حزب معارض.

لا أنفي أنني أن ألتقي في السكة ببعض الضباط المحترمين الذين يشعرك المرور بهم في سكتك ببعض الآدمية والتحضر والونس، ضباط علمهم أهاليهم أن يعاملوا الناس باحترام وعلمتهم الشرطة أن يقفوا في طريق الناس فكانت النتيجة أنهم يقفون في طريق الناس باحترام، مثل هؤلاء الضباط عندما تقابلهم في طريقك لن يذكروك بغلاسة بتوع «الشرطة المدرسية» لكنهم سيذكرونك بابن خالتك عندما كنتم تلعبون سويا «عسكر وحرامية».

هذا بالنسبة لشعار (الشرطة في خدمة الشعب)،أما بالنسبة لشعار (مصر أولا) فأعتقد أنه لا مكان له بعد سيطرة شعار (الأهلي فوق الجميع).


http://dostor.org/ar/index.php?option=com_content&task=blogcategory&id=13&Itemid=51

0 التعليقات: